مرَّ بها «كيار» من بعيد ، عبث بذيل ثوبها ، وعفر شيئا من جدائلها على حين غرة .. بينما كانت هي تشاكس موجات البحر ، وتلهو باصدافه وترابه..
حورية من ألف ليلة وليلة أصابها النزق بزرقة البحر فالتصقت به ، وهام هو بها..
فقص حكاياته معها على مسامع محامل الليمون والتوابل ، فتغنى بها البحارة والتجار.. وتردد اسمها في مواويل اليامال …
انها مجيس .. عروس البحر..
دار العلماء ، ومحراب الاولياء ، ومرابع الاوفياء ، واغاني الشعراء ، ومجالس الفضلاء ..
مجيس .. المساجد ، والمدارس ، والاسواق والمتاجر ، والرياضة ، والثقافة ، والقرطة ، والفرضة ، والمحامل ، والبضائع ، والبحر ،والمزارع ، والنسيج السكاني المتعدد ، مجيس الماضي ، والحاضر ..
مسقط الراس ، وملاعب الصبا ، والعشق الاول .
لا تزال آثار أقدامنا الحافية صغارا تروي حكايات البراءة عن قلوبنا الصغيرة ، وبين زحمة الافكار و الآثار بحثت عني وعنهم ، فاذا وقع ركضنا في سككها يتردد على مسمع الذاكرة ، نتدافع لاعبين لنختبئ في «فرقة تدور» ، ونصرخ منتصرين في «عنبر»، ونتألم من ضربات الخصم في «سيت» ، واذا ما اختلفنا تحاربنا بقرب برجها القديم.. فاذا انهكتنا الحرب ، وارهقنا اللعب حملنا جرحانا وقتلانا ، وننام لنلتقي يوم غد مبتسمين ..
والتقينا اليوم كبارا ومعنا صغارنا على شاطئها ،اجتمعنا على حبها ، وعادت قلوبنا كما كانت صغيرة تنبض في اعماقنا في مشهد بديع مزدحم بالحب والوفاء كعادة ابناء مجيس..
اجتمعوا اليوم فأزالوا الوحل عن ثوبها ، ونفضوا الغبار عن جبينها ، ومشطوا ظفائرها فعادت جميلة مشرقة فاتنة كعادتها..
التفتت اليهم وابتسمت فازدادوا عشقا لها ، وهياما بها .
انطلقوا الى محملها القديم حركوه فتحركت قلوب كبارهم بالذكريات ، ونفخوا فيه الروح فاخضر من جديد ، على صوت النهام «هيه يا الله .. هيه يا الله » تجاوب الصغار قبل الكبار ، واختلط الصوت بالدمع ، وهو يرتل سورة الذكريات في محراب الحاضر ..
ولانها الاميرة والاخت الكبيرة توافد اليها من ابناء اخواتها من حولها ، أتوا من الخويرية والفلج و عمق وحارة الشيخ والصنقر والعفيفة كلهم اتوا ليقولوا «لا باس طهور»
حضر فريق الحد التطوعي ، وشارك فريقا غراس وتكافل الخيريان ، وتوافد بعض اعضاء مجلسي الشورى والبلدي كلهم ليقولوا «لا باس طهور»
يوم الجمعة 1/ 11 / 2019م ، رسم ابناء مجيس ومحبوها لوحة الحب والعطاء من خور خسارة الى خور الصم ، ونظموا قصيدة الوفاء فانشدت معهم الدنيا ، فشكرا لكل ذلك العطاء..
ولا باس طهور ..
ابوالحارث قيس الفارسي
٤ من ربيع الاول ١٤٤١ھ
١ من نوفمبر ٢٠١٩م
مجيس/ صحار
#عاشق_عمان